ولا يصح أن تكون القرابات والصداقات والعهود والمحالفات والجوار والرضاع والمصاهرة وغير ذلك سببا في توطيد الصلات والثقة بالأعداء.
التفسير والبيان :
أيها المؤمنون بالله ورسوله ، وشأن الإيمان السماع إلى الكلام ، لا تتخذوا الكافرين من اليهود والنصارى والمنافقين بطانة أي أصدقاء وخواص ومستشارين ، تطلعونهم على أسراركم ودخائلكم ، لأسباب عديدة هي :
١ ـ لا يقصرون في إضراركم وإفساد أموركم ، ما استطاعوا ذلك.
٢ ـ يتمنون إلحاق الضرر والمشقة والهلاك بكم في دينكم ودنياكم.
٣ ـ يظهرون لكم العداوة والبغضاء أثناء الكلام وعلى صفحات الوجوه وفلتات اللسان ، ويكذبون كتابكم ونبيكم.
٤ ـ ما تخفي صدورهم من الحسد والحقد والبغضاء للإسلام وأهله أشد وأكثر مما يظهرون.
وهذا النهي المطلق الذي له أمثال كثيرة في القرآن الكريم ، يوضحه ويقيده آيتا الممتحنة : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ، وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ، أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ، وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة ٦٠ / ٨ ـ ٩].
فإذا اطمأن الحاكم أو الإمام المسلم إلى موادة غير المسلمين ، ووثق بهم ، جاز التعاون معهم ، كما حدث من عون اليهود للمسلمين في فتوح الأندلس ، وكما وقع من القبط ، إذ عاونوا المسلمين في فتح مصر. وجاز توظيفهم في أعمال الدولة الإسلامية ، فقد جعل عمر بن الخطاب رضياللهعنه رجال دواوينه من الروم ، وتابعه الخلفاء من بعده على هذا النهج ، وأناط العباسيون أعمال الدولة باليهود