(أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) [النور ٢٤ / ٣١].
وعلة طلب الاستئذان ما قال الله تعالى :
(ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ) أي إن هذه الأوقات المذكورة هي ثلاثة أوقات عورات يختل فيها التستر عادة ، والعورة لا يجوز النظر إليها. وما عدا ذلك فهو مباح كما قال سبحانه :
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَ) أي لا إثم ولا حرج في ترك الاستئذان في غير الأوقات الثلاثة ، وإنما الأمر مباح على أصل الإباحة في الأشياء.
وأما الوقت الممتد بين العشاء والفجر ، فيدخل في وقت المنع قبل صلاة الفجر ، من باب أولى ، وإنما سكت عنه النص لندرة الدخول فيه بسبب النوم ، ولأن المعمول به عادة حصول الاستئذان فيه ، منعا من التهمة وسوء الظن.
وعلة الإباحة كما ذكر تعالى :
(طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ ، بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ) أي إن هؤلاء الخدم والأطفال الصغار يطوفون عليكم في الخدمة وغير ذلك ، ويترددون على مجالسكم أنسا بكم ومعاشرة ومداخلة ، وقضاء حاجات ، وبعضكم طائف عادة على بعض ، وكرر الله تعالى ذلك للتأكيد ، فالتعبير الأول تسلية للمماليك والخدم ، والتعبير الثاني مراعاة لجانب السادة المخدومين وإشعار بحاجتهم إلى خدمات الخدم.
وفيه دلالة على تعليل الأحكام ؛ لأن الله تعالى نبّه على علة طلب الاستئذان بقوله : (ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ) كما نبّه على أن التطواف علة الإباحة في غير الأوقات الثلاثة ، ويغتفر في الطوافين دفعا للحرج والمشقة ما لا يغتفر في غيرهم. لهذا روى الإمام مالك وأحمد بن حنبل وأهل السنن أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال في الهزة : «إنها ليست بنجسة ، إنها من الطوافين عليكم ، والطوافات».