التفسير والبيان :
يبدأ الله تعالى القصة من بدء بعثة موسى بن عمران عليهالسلام وتكليم ربّه له ومناجاته إياه من جانب الطور الأيمن ، فيقول :
(وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ) أي ، اذكر يا محمد لقومك حين نادى الله موسى من جانب الطور الأيمن بالوادي المقدس طوى ، وكلمه وناجاه ، وأرسله واصطفاه ، وأمره بالذهاب إلى فرعون وملئه القوم الظالمين أنفسهم بالشرك واستعباد بني إسرائيل وذبح أولادهم ، فيدعوهم إلى عبادة الله وحده ، وتخلّيهم عن فكرة تأليه فرعون.
وقال الله لموسى تعجيبا من حالهم : ألا يتقونني ، ألا يخافون بطشي وانتقامي في الآخرة ، ويحذرون عصياني وعذابي على كفرهم وبغيهم. وقوله : (أَلا يَتَّقُونَ) كلام مستأنف ، أتبعه تعالى إرساله إليهم للإنذار وتسجيل الظلم عليهم ، وأمنهم العواقب وقلة خوفهم.
والنداء الذي سمعه موسى عليهالسلام من الله تعالى هو كلام الله القديم المنزه عن مشابهة الحروف والأصوات ، مع أنه مسموع ، على رأي أبي الحسن الأشعري. وقال أبو منصور الماتريدي : الذي سمعه موسى عليهالسلام كان نداء من جنس الحروف والأصوات (١).
(قالَ : رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ، وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) أي قال موسى مجيبا ربّه : يا ربّ ، إني أخشى تكذيبهم لي ، فأحزن ويضيق صدري تأثرا وتألما بما يعملون ، ولا ينطلق لساني بما يجب علي من أداء الرسالة ، بل أتلعثم ، وأخي هارون أفصح مني لسانا ، وأقوى بنيانا.
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٤ / ١٢١