المنزل عليه بالأساطير ، مع أنه دستور الحكمة والمدنية والحضارة والعلم والتشريع الأمثل للحياة الإنسانية.
ثم أجابهم الله تعالى بقوله :
(قُلْ : أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي قل لهم يا محمد النبي : أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين بصدق مطابق للواقع الله الذي يعلم غيب السموات والأرض ، ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر.
(إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) أي إن هذا القرآن إنما نزل رحمة بالعباد ، فلا يكون سببا لتعجيل العقاب ، لذا لم يعاجلكم بالعقوبة رحمة بكم ؛ لأنه تعالى غفور رحيم ، يمهل ولا يعجل ، لتتوبوا وتقلعوا عن الكفر والشرك. فهذه دعوة لهم إلى التوبة والإنابة والإقبال على ساحة الإسلام والهدى ، وإخبار لهم بأن رحمته واسعة ، وأن حلمه عظيم ، فمن تاب تاب الله عليه ، بالرغم مما صدر منهم من افتراء وكذب ، وكفر وعناد ، كما قال تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا : إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ ، وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ، وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة ٥ / ٧٣ ـ ٧٤] وقال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ، فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ ، وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) [البروج ٨٥ / ١٠] قال الحسن البصري : انظروا إلى هذا الكرم والجود قتلوا أولياءه ، وهو يدعوهم إلى التوبة والرحمة.
وهذا دليل على أن التوبة الصادقة تسقط الإثم والذنب وتجبّ ما قبلها من الذنوب ، فهي مغفورة كرما من الله تعالى ، وفضلا ورحمة.