وإغراق الكافرين لعبرة وعظة لكل من صدق أو كذب بالرسل ، وإن من سنتنا دائما إنجاء الرسل وأتباعهم ، وإهلاك الذين كذبوا برسالتهم.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) أي وإن ربك الله لهو القوي الغالب المنتقم ممن كفر به وخالف أمره ، الرحيم بمن أطاعه وأناب إليه وتاب ، فلا يعاقبه.
فقه الحياة أو الأحكام :
الوثنية وعبادة الأصنام تقارن عادة وجود الشعوب البدائية ، فهي في الغالب عقيدتهم ، لذا كان نوح عليهالسلام أول رسول للناس بعد ظهور هذه العقيدة. والبدائية والمادية وسخف العقل وسطحية التفكير أمور متلازمة ، لذا كان الإصرار على عبادة شيء من دون الله هو الظاهرة الشائعة ، وكانت مهمة الأنبياء المتقدمين عسيرة وصعبة.
فهذا نوح عليهالسلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين يدعوهم إلى توحيد الله والتخلي عن عبادة الأصنام ، فكذبوه وآذوه ، بالرغم من أنه أكد لهم أنه رسول أمين صادق فيما بلغهم عن الله تعالى ، وقد عرفوا أمانته وصدقه من قبل ، كمحمد صلىاللهعليهوسلم في قريش ، وبالرغم من تخويفهم من عقاب الله قائلا لهم مرة : ألا تتقون الله في عبادة الأصنام؟ ومرة : فاتقوا الله وأطيعوني أي استتروا بطاعة الله تعالى من عقابه ، وأطيعوني فيما آمركم به من الإيمان ، ولا طمع لي في مالكم ، وما جزائي إلا على رب العالمين.
ولكن تذرعوا بشبهة واهية للبقاء على عنادهم وكفرهم ، ودفعهم الغرور والاستكبار إلى الترفع عن الإيمان بسبب تصديق فئة ضعيفة برسالة نوح ، ليسوا من الوجهاء ولا من الأثرياء ، وإنما من طبقة المهنيين والحرفيين. وهذا قول الكفرة ، فإن تعلم الصناعات مما رغب به الدين ، وليست الحرفة عيبا ، وإنما هي