محذوف ، أي إنه (لَمِنَ الْكاذِبِينَ) في دعواك (كِسَفاً) جمع كسفة أي قطعة (وزنا ومعنى) والمراد قطع عذاب. (الظُّلَّةِ) السحابة التي أظلتهم بعد حر شديد أصابهم ، فاجتمعوا تحتها ، ثم أمطرتهم نارا فاحترقوا جميعا.
(إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) إلى قوله (الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) هي مقالة الأنبياء السابقين نفسها.
المناسبة :
هذا آخر القصص السبع المذكورة في هذه السورة باختصار ، تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عما يلقاه من إعراض قومه ، فيغتم ويحزن ، وتهديدا للمكذبين به ، وإعلاما باطراد نزول العذاب على تكذيب الأمم بعد إنذار الرسل به ، واقتراحهم له استهزاء وعدم مبالاة به.
وهي قصة شعيب عليهالسلام مع قومه أهل مدين : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) ومع أهل الأيكة ، وهم قوم كانوا أصحاب غيضة وشجر وزرع وثمر ، بعثه الله إليهم ، لإصلاح الوضع الاجتماعي المتردي فيهم ، وهو بخس الكيل والميزان وتطفيفه ، والإفساد الشديد في الأرض ، فنصحهم بإيفاء الكيل والميزان ، وألا يعثوا في الأرض مفسدين ، فكذبوه ، فأهلكهم الله بعذاب يوم الظلة.
التفسير والبيان :
(كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ، إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ، وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) أي كذب أصحاب الغيضة وهي الشجر الكثير الملتفّ ، وكانت قرب مدين ، وقال ابن كثير : «أصحاب الأيكة : هم أصحاب مدين على الصحيح» (١). كذبوا رسولهم الذي بعث إليهم ، وهو شعيب عليهالسلام.
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٣ / ٣٤٥.