المناسبة :
بعد أن أخبر الله تعالى أن القرآن المجيد متلقى من عند الله الحكيم العليم ، أمر النبيصلىاللهعليهوسلم بتلاوة بعض ما تلقاه ، تقريرا له ، وهو ما أورده من بعض القصص للعظة والذكرى.
التفسير والبيان :
ابتدأ الله تعالى بالتذكير بقصة موسى كيف اصطفاه الله وكلّمه وناجاه ، وأعطاه من الآيات العظيمة الباهرة ، والأدلة القاهرة ، وابتعثه إلى فرعون وملئه ، فجحدوا بها وكفروا ، واستكبروا عن اتباعه والانقياد له ، فقال :
(إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ : إِنِّي آنَسْتُ ناراً ، سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ ، لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) أي اذكر أيها الرسول حين سار موسى بأهله (زوجته) من مدين إلى مصر ، فضل الطريق في ليل مظلم ، فرأى من بعيد نارا تتأجج وتضطرم ، فقال لأهله مستبشرا بمعرفة الطريق والاصطلاء بالنار : إني أبصرت نارا ، سآتيكم منها بخبر عن الطريق ، أو آتيكم منها بشعلة نار ، تستدفئون بها في هذه الليلة الباردة.
وكان الأمر كما قال ، فإنه رجع منها بخبر عظيم هو النبوة ، واقتبس منها نورا عظيما لا نارا هو نور الرسالة ، كما قال :
(فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها ، وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي فلما وصلها ، ورأى منظرها هائلا حيث تضطرم النار في شجرة خضراء ، فلا تزداد النار إلا توقدا ، ولا تزداد الشجرة إلا خضرة ونضارة ، ثم رفع رأسه ، فإذا نورها متصل بعنان السماء ، ولم تكن نارا ، وإنما كانت نورا ، هو نور رب العالمين ، كما قال ابن عباس ، فوقف موسى متعجبا مما رأى ، فنودي أن