المناسبة :
بعد بيان تسخير الجن والإنس والطير لسليمان عليهالسلام ، أبان الله تعالى هنا أن سليمان تفقد طير الهدهد ، فلم يجده ، ثم حضر فأخبره عن مملكة بلقيس ، وعن عبادتهم الشمس.
التفسير والبيان :
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ ، فَقالَ : ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ ، أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) أي بحث سليمان عن الهدهد بين جنوده ، وكان له علم بمنطق الطير ، وكانت الطيور مسخرة له كالريح وغيرها ، فقال متعجبا : كيف لا أرى الهدهد؟ علما بأنه لم يأذن له بالغياب ، بل هو من الغائبين دون أن أعلم بغيبته. وفي العبارة قلب ، أي ما للهدهد لا أراه؟! وهو كقولك : ما لي أراك كئيبا؟ أي مالك؟.
وذكر المفسرون أن سبب بحثه عنه أنه كان يدل على مكان وجود الماء تحت الأرض ، بنقره فيها ، فيستخرج منها من طريق الجن أو الشياطين ، كما كان يرشد سليمان وجنوده إلى الحد الفاصل بين قريب الماء وبعيده أثناء السير بفلاة من الأرض.
وحين تثبّت من غيابه توعده بالعذاب إذا كان بغير عذر مقبول ، فقال تعالى : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي أنه هدده بالقتل أو بالتعذيب والعقاب الشديد كنتف ريشه إلا أن يأتي ببرهان واضح يبين عذره ، أي إن التهديد والوعيد كان بأحد أمرين إن لم يأت بالأمر الثالث وهو العذر الواضح البيّن.
(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ ، فَقالَ : أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ ، وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) أي غاب الهدهد زمانا يسيرا ثم جاء فسأله سليمان عن سبب غيابه ، فقال