يا قَوْمِ) قال صالح للمكذبين. (لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) بالعذاب قبل الرحمة ، أو بالعقوبة التي تسوء صاحبها قبل التوبة ، حيث قلتم : إن كان ما أتيتنا به حقا فأتنا بالعذاب. (لَوْ لا) هلا. (تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ) من الشرك. (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) بقبول التوبة فلا تعذبوا ، فإنها لا تقبل عند نزول العذاب.
(اطَّيَّرْنا) تشاءمنا بك حيث فرقتنا ، والطيرة : تعليق الخير أو الشر على طيران الطائر يمينا أو شمالا. (بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) من المؤمنين ، حيث قحطوا المطر وجاعوا. (طائِرُكُمْ) شؤمكم أي ما يصيبكم من الخير أو الشر. (عِنْدَ اللهِ) أي هو قدره أتاكم به ، أو عملكم المكتوب عنده. (تُفْتَنُونَ) تختبرون بالخير والشر أو تعاقب السراء والضراء.
(فِي الْمَدِينَةِ) مدينة ثمود وهي الحجر. (تِسْعَةُ رَهْطٍ) تسعة رجال ، والرهط : من الثلاثة إلى العشرة ، وأما النفر فهو من الثلاثة إلى التسعة. (يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) أي شأنهم الإفساد الخالص عن شوائب الصلاح ، والإفساد : بالمعاصي كاقتطاع جزء من الدراهم والدنانير ، والصلاح : بالطاعة. (قالُوا) قال بعضهم لبعض. (تَقاسَمُوا) احلفوا. (لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) لنباغتن صالحا وأهله الذين آمنوا به ليلا ، أي نقتلهم ليلا. (لِوَلِيِّهِ) لولي دمه وهو من له حق القصاص من ذوي قرابته إذا قتل. (ما شَهِدْنا) ما حضرنا. (مَهْلِكَ) هلاك ، وقرئ (مَهْلِكَ) أي إهلاك ، أي فلا ندري من قتلهم.
(وَمَكَرُوا مَكْراً) بهذا التواطؤ على الاغتيال ، والمكر : التدبير الخفي لعمل الشر. (وَمَكَرْنا مَكْراً) جازينا بتعجيل عقوبتهم. (لا يَشْعُرُونَ) بذلك. (دَمَّرْناهُمْ) أهلكناهم. (وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) بصيحة جبريل ، أو برمي الملائكة بحجارة يرونها ولا يرونهم. (خاوِيَةً) خالية. (بِما ظَلَمُوا) بظلمهم أي كفرهم. (لَآيَةً) لعبرة وموعظة. (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) قدرتنا فيتعظون. (وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) بصالح ، وهم أربعة آلاف. (وَكانُوا يَتَّقُونَ) الشرك أو الكفر والمعاصي ، فلذلك خصوا بالنجاة.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى قصة موسى وداود وسليمان ، وهم من بني إسرائيل ، ذكر قصة من هو من العرب ، وهم ثمود أي عاد الأولى ، وصالح أخوهم في النسب ، بقصد تذكير قريش والعرب وتنبيههم أن من تقدم من الأنبياء من العرب كان يدعو إلى إفراد الله بالعبادة ، ليعلموا أنهم في عبادة الأصنام على ضلالة ، وأن شأن الأنبياء عربهم وعجمهم هو الدعوة إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له.