بِهِ) (١٢ : ١٢١) (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) (٢ : ١٤٤):
ولا في كونه (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) كما هو لامح في النابهين غير المتعصبين. فلم يقل : لا شك فيه ، حيث الشاكون فيه كثير ، وإنما (لا رَيْبَ فِيهِ) حيث الريب هو شك مسنود إلى حجة : أن تتوهم بالشيء أمرا فيكشف عما نتوهمه (١) فالشك منه مريب ومنه غير مريب : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ ... وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) (١١ : ١١٠) قالُوا يا صالِحُ ... وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) (١١ : ٦٢) مهما كانوا كاذبين في ريبتهم : (قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ... فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣)).
فقد تكون الريبة في الدعوة أو في كتاب الدعوة ، ولا ريبة في كتب الله ودعاته ، وقد تكون في المدعوين المرسل إليهم وهم الذين : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) (٢ : ١٠).
والقرآن لا ينفي الريبة عن قلوبهم : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) (٩ : ٤٥) (لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ) (٩ : ١١) (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) (٤٠ : ٣٤) وإنما ينفي الريبة عن نفسه متحديا كل مفتر مرتاب (لا رَيْبَ فِيهِ تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٣٢ : ٢) (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِه ..) (٢ : ٢٣).
__________________
(١) مفردات القرآن للراغب الاصبهاني.