أنهم يحسنون صنعا : أنهم هم المصلحون ومن سواهم مفسدون! : وحتى النبيين : (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) (٧ : ١٢٧) رغم أنهم هم : (.. الْمُسْرِفِينَ. الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) (٢٦ : ١٥٢) وقد يوجهون نفاقهم العارم بمسايرة الكافرين حفاظا على المؤمنين : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً ، فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً) (٤ : ٦٢).
فهم يعتبرون صدّهم عن رسول الله إحسانا إليه وتوفيقا بينه وبين الكافرين ، اقتساما للبلد نصفين ، وجعلا للحكم شطرين ، رعاية للقبيلين! :
(وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) وليسوا بتلك البلادة حتى يفقدوا مطلق الشعور وإنما يشعرون من الحياة حيوانيتها فيحتالون ويمكرون بكل شطارة وشعور لبغيتها وهم أنفسهم لا يشعرون عمق الحياة وقيمها وواقعيتها ، ومهما لم يشعروا فيما يجب على الإنسان شعوره فكأنهم لا يشعرون! إذ لا يستعملون الشعور حقه الإنساني وإنما إدراكه الحيواني!
ثم الإفساد منه شخصي كالمعاصي التي لا تتجاوز العاصي ، ومنه جماعي كالتي تتعداها الى غير العاصي ، ومنها حكومي تشمل من يعيش في ظل الحكم ، ثم منها مادي تشمل الناحية الاقتصادية ، ومنها عقيدي تفسد العقائد ومنها .. وأفسدها كلها ما يشمل الإفسادين بقوة الحكم : (قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ) (٢٧ : ٣٤) (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ. وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ