لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ. وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) (٢ : ٢٠٦).
هنا نهوا عن منكر الفساد ، ومن ثم يؤمرون بمعروف الإيمان : حيث النهي عن المنكر يتقدم على الأمر بالمعروف ، إذ ما دام الناكر مكبا على المنكر لا يتأتى منه المعروف ، فإذا ترك المنكر او نهي فهنالك المجال لفعل المعروف والأمر به ، حيث التزكية تتقدم التحلية في كافة المجالات ، مادية ومعنوية! :
٥ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ ، وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ) (١٣).
باب خامس من أبواب جحيم المنافقين «تسفيه المؤمنين» وأنهم هم العقلاء النابهون من دون المؤمنين!
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ) لا كما استسلم النسناس ـ والقائل هو الرسول ومن معه ـ «قالوا» في جفوة وغرور واستعجاب وهزء وزور : (أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ) فإن هذا الإيمان خاص بفقراء الناس وأراذلهم دون الأغنياء العليّة ذوي المقام ـ فجاء الجواب الحاسم : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ).
والسفه هو خفة العقل وبلادته ، حيث السفيه يفسد ويحسبه مصلحا ، ويضيع ويراه حافظا ، لجهله بموارد الإصلاح وموازينه ، وخفة عقله ، مهما كان مثقفا في مختلف العلوم الزمنية ـ ف «رب عالم قتله جهله»!
فهم يعتبرون الإيمان الصادق سفها ، والنفاق عقلا ، إذ يمكّن العشرة مع المؤمن والكافر فيربح الجوّين ، ويؤمن الخطرين ، وهذه هي الحياة العاقلة عند هؤلاء المجاهيل ، وحياة الايمان عندهم سفيهة! تخص المجاهيل.