أقول : نعم ـ إذ لهم أن يصدقوا به فيعبدوه ، إذا فهم يؤخذون بالفروع كما الأصول : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (٤١ : ٧) حيث الويل لهم يشمل فرع الزكاة بين أصلي التوحيد والمعاد ، لا سيما وهنا الأمر بالعبادة قرين التوجيه الى مثلث الأصول. (١) (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً ... (٢) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا .. (٣) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ ..) «اللهم إلا القصر المستضعفين الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ...» خارجين عن الويل المحتوم الى رجاء العفو.
(اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) : اعبدوه لأنه ربكم ـ لا فحسب بل ولأنه (الَّذِي خَلَقَكُمْ) : الرب الخالق لكم ـ لا فحسب أنتم بل (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) فهو خالق كل شيء ورب كل شيء ـ فاعبدوه (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) كما (خَلَقَكُمْ ... لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١).
(اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ... لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) حيث العبادة والتقوى غاية الخلق: (ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فلانه رب خالق فاعبدوه : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ) واتقوه : (وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ) ، ولكنما التقوى لا تحصل إلّا بعبادته كما امر : (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ... لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) كما (خَلَقَكُمْ ... لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (٢) : فقد خلقكم ورباكم أنتم
__________________
(١) ف «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» لا تخص الترجي بحصول التقوى من العبادة ، بل ومن الخلق ، اعبدوا ... لعلكم تتقون ـ خلقكم لعلكم تتقون ، واللفظ يحتملها فهما معا مقصودان وكمال تدل عليه الآيات المسرودة في المتن.
(٢) تفسير البرهان ١ : ٦٦ ـ القمي قال علي بن الحسين (عليه السلام) في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ...) يعني سائر المكلفين من ولد آدم ـ اعبدوا ربكم ـ أطيعوا ربكم من ـ