القرآن على أجواء الفصاحة والبلاغة تعبيرا ، وعلى اجواء العقول في كافة الحقول ، وعلى اجواء مختلف العلوم معبرا عنه ، طوال اربعة عشر قرنا ، وحيدا في ميادين السباق ، بل لا سباق إذ لا رفاق!
أفلا يدل كل ذلك انه نازل بعلم الله؟ (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) (١١ : ١٤).
(مِنْ مِثْلِهِ) في دراسة موسعة :
«من» فيما يعنى من الضمير «عبدنا» ابتدائية نشوية : فاتوا بسورة من مثل عبدنا الأمي ثم قايسوا بها سورة من القرآن ، لتعرفوا البون الشاسع بينهما ، فليكن نازلا بعلم الله ، وحتى إذا استويا ، إذ لا مساواة ولا مسامات بين وحي الأرض ووحي السماء!.
او «من مثل عبدنا» في كونه عبدا وان كان من عباقرة العلم ـ وهو أمي! ـ فأتوا بسورة من أي جن او انسان او نبيّ او ايّا كان ، ثم قايسوا بها سورة من القرآن الذي جاء به هذا الأمي ، لتعرفوا ـ كذلك ـ البون بيّنا (١) فليكن نازلا بعلم الله.
وفيما يعني من ضميره (ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا) ف «من» تتحمل الجنسية كما تتحمل النشوية الابتدائية : فأتوا بسورة من مثل القرآن : من كتابات الوحي ايّا كان ، سورة مأخوذة منها وهي مثل القرآن في الوحي ، او سورة هي جنس القرآن كذلك : (قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٨ : ٤٩) : أهدى من التوراة والقرآن اللذين تنكرونهما ، فإذ لم يأتوا بكتاب الهي هو أهدى من هذين ـ
__________________
(١) هنا يجمع بين المماثلة في الامية ، والمماثلة في كونه عبدا ، وحتى نبيا حيث تحملهما الآية.