كأنهما غير إلهيين ـ! دل ذلك بيقين أنهما من وحي الله ، فوحي الأرض أيا كان هو أدنى من وحي السماء دنوّ الأرض من السماء وأدنى : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ ..) (٥٠).
فهل أتى احد من أهل الكتاب بسورة من أي كتاب يقايسها بسورة من القرآن ، والمجال فاسح؟ كلّا حيث الحاصل من هذا القياس ـ على أبعد تقدير ـ مماثلتها سورة من القرآن ، او رجاحة القرآن كما هو حق التقدير ، وكيف بالإمكان مماثلة كلام العبد كلام الله او رجحانه عليه؟ فليكن نازلا بعلم الله.
ترى ومن الذي يشهد هكذا؟ إنه كلام الله نفسه! بل وكافة الشهداء من دون الله : (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) : أنه ليس من كلام الله! ليشهدوا في كافة مجالات القياس بقرآن محمد او محمد القرآن ، أنهما نازلان من عند الله : شاهدا هو كتاب الله ، ومشهودا له هو رسول الله ، إذا فهما معا معجزة بارعة إلهية ما لها من فواق!.
فهنا يصل التحدي الى الغاية ان يطلب من ناكري وحي القرآن أن يدعوا شهداءهم ـ كلهم ـ من دون الله ، ان يأتوا بسورة من مثل القرآن ، او بسورة من مثل محمد كسورة من القرآن ، ان يأتوا ويشهدوا لكم ، ولكن (لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) لا تأتون بمثله ومحال ان تأتوا ، ولئن أتيتم فإنكم وشهداءكم سوف تشهدون أن القرآن نازل بعلم الله ، إذ لا مماثلة بين ما أتاه وتأتون به!.
فكما (اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ..) (٤ : ١٦٦) كذلك الشهداء من دون الله عليهم أن يشهدوا عند القياس ، او ـ ولأقل تقدير ـ أن يسكتوا عن الشهادة ضد وحي القرآن ، إذ ليس لهم ايّ برهان إلّا