وإذا كان تفسير القرآن بالحديث ـ دون نظر في متنه وعرض على القرآن ـ تفسيرا بالرأي ، فتفسيره بآراء المفسرين ، متفردين او مكثرين او مجمعين ، او تفسيره بالآراء العلمية في مختلف الحقول ، ان ذلك لأحرى ان يسمى تفسيرا بالرأي ، فانه يجمعه تفسيره بغير حجة من كتاب او سنة قطعية ، تفسيرا فيه تحميل على القرآن ما لا يتحمله او لا يلائمه.
فعطف القرآن على الرأي كعطف الهدى على الهوى يعطفان بالإنسان الى الهاوية والردى وقد يروى عن الإمام علي امير المؤمنين (عليه السلام) في اصلاحات المهدي القائم (عليه السلام) انه «يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي» (١).
فالذي يفسر القرآن جاهلا بموازينه ، او تجاهلا عما يجب في تفسيره ، انه في ضلال مبين ، مهما أتى بعبارات براقة ، فلسفية او عرفانية اماهيه؟ فان هذا الأسلوب الجاهل او المتجاهل او المبتدع المغرض يجعل من النور ظلاما ، ومن الهدى ضلالا : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) (١٧ : ٨٢).
مثل ما يهرأه الهارعون المفرطون ان العبادة انما هي لغرض اليقين والوصول الى المعبود. فإذا أتاك اليقين فلا عبادة ، مستندين الى الآية : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (١٥ : ٩٩) رغم ان اليقين درجات يتنقل العابد دوما بين هذه الدرجات ، كما وان المعرفة درجات ، ولا نهاية لهذه او تلك وحتى لرسول الله وهو اوّل العابدين فضلا عن هؤلاء المدعين ، ف «حتى» هنا لا موقف له منتهى حتى تنتهي عنده العبادة ، وقد عبد
__________________
(١) نهج البلاغة في كلام له (عليه السلام) حول الامام المهدي (عليه السلام).