وتبديل قوله (قُولُوا حِطَّةٌ) قولة معاكسة كالقول «لا حطة» او مستهزء ك «حنطة». أما هيه؟
والرجز من السماء الذي أنزل على الظالمين منهم الفاسقين هو الاضطراب حيث تعنيه لغته ومنه رجز البعير إذا تقارب خطوها واضطرب لضعف فيها ، والرّجز لتقارب أجزاءه ، فرجزهم هو الاضطراب المتتابع المتقارب ، وكما وأنزل على آل فرعون رجزا من السماء : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ ... وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ) (٧ : ١٣٤) ومهما عرف رجز آل فرعون كما هنا لم يعرف رجز بني إسرائيل إلّا بوصفه العام : عذاب مضطرب متناوب ينزل على الذين فسقوا وظلموا دون أن يعرف قومية ولا عنصرية ، على آل فرعون الظالمين او بني إسرائيل الظالمين سواء!
(وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٦٠).
نعمة تاسعة هي إسقاءهم في التيه في صحراء جرداء لا ماء فيها ولا كلاء ، وجحيم الهاجرة تفور بالنار : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ ..) (٧ : ١٦١).
فاستسقاء قومه ـ لا طلبهم للاعجاز ـ يلمح أنهم كانوا عطاشى في قفر ،