وهنا قفزة لطيفة من الإيمان الى دخول أهله في السلم كافة دون اتباع لخطوات الشيطان الى زلتهم بعد ما جاءتهم البينات وتهددهم بعزة الرحمان والى كفر : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ... هَلْ يَنْظُرُونَ).
وهذه إيقاظة نابهة لكتلة الإيمان أن ليست صبغة الإيمان بمجردها كافية عن الزلات والمضلات ، بل هي بحاجة الى سياج الدخول في السلم كافة وترك اتباع خطوات الشيطان.
وقد تعني (هَلْ يَنْظُرُونَ) اعمّ من (الَّذِينَ آمَنُوا) بضالة ، او الذين لم يؤمنوا وهم على أشرافه ، ام والبعيدين عن الإيمان ، وقد تعنيهم أجمع (فَإِنْ زَلَلْتُمْ ..) زلة عن الإيمان بعد واقعه ، ام زلة عنه ولمّا يقع ام كلّا ، والآية التالية تمحور في هذا البين بني إسرائيل العاكفين على عنصريتهم وقوميتهم :
(سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) ٢١١.
وسؤال بني إسرائيل ـ والسائل هو النبي ـ ليس استعلاما عن جهل ، فكثير من الآيات مكية ومدنية استعرضت آياتهم البينات ، فانما القصد إلى استجوابهم اعترافا منهم ومن كتاباتهم (كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ)؟ وقد أوتوا أكثر من كل الأمم ومنها آيات موسى التسع وستة اخرى او تزيد الى فرعون وملئه ، وهم بالرغم من تلكم الآيات البينات لم يدخلوا في السلم كافة ، ولا حتى في السلم التوراتي فضلا عن القرآني ، حيث ظلوا فيما ضلوا بكل تردد وتلكؤ وتعنت ونكوص عن كل سلم لرب العالمين ، الذي يضلّل كنف الإيمان وحنفه ، وذلك من تبديل نعمة الله كفرا ونعمة :
(وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) ٢١١.
وانها هنا (نِعْمَةَ اللهِ) : الآيات البينات ، وعلى ضوءها (نِعْمَةَ اللهِ) :