دعوة إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة؟ وهذه معان خمسة للعفو تعنيها اللغة في مختلف مجالاتها ويصدقها القرآن ، فلا تصح عناية واحدة منها بخصوصها إذ هي بحاجة الى قرينة وهي هنا منفية ، ثم الصحيح الفصيح إذا ان تؤتى بصيغتها الخاصة زيادة او قصدا او كفافا او غفرا او إمحاء للأثر.
فذكر العفو هنا مجردة عن اي تعلق بشيء او اختصاص بمعنى خاص ، هو دليل العناية العامة لكل معاني العفو ، روحيّا وماديا.
فليس على المؤمن ـ فقط ـ العفو إنفاقا للزيادة او الوسط او الكفاف ، بل وانفاق الغفر عن الخطايا فيما يصلح ، وانفاق ازالة النقائص عن إخوانه المؤمنين تعريفا بالخير ودعوة إليه وأمرا به ، وإزالة للشر ، فالمؤمن كله إنفاق وإرفاق لإخوانه المؤمنين بلا إرهاق تكافلا في الحياة الإيمانية دون تعاضل أو تكاسل.
فكما الله أجاب عن مورد الإنفاق في سؤال سابق عما ذا ينفقون ، تحليقا على كافة موارده وموادّه وكيفياته ، كذلك الله يجيب هنا عما ذا ينفقون توسعة في مادة الإنفاق ، مالا وحالا أمّاذا مما يصح إنفاقه أو يجب.
فواجب المؤمن أن يكون منفقا في سبيل الله ما هو في وجد منه ، جبرا لنقصان الآخرين. قدر الحاجة الكفاف والاستطاعة ، راجحة وواجبة.
فما كان العفو مصلحا أو صادا عن الفساد في ايّ من حقوله ف «قل العفو» إنفاقا في سبيل الله روحيا وماديا ، وإذا كان مفسدا فلا عفو ، وفي عوان بينهما فالعفو عوان بين واجبه ومحرّمه.
ففي الهجمات الدعائية المضللة الهمجة على كتلة الايمان ، يكون واجب الإنفاق هو إزالة هذه الدعايات بآثارها بكل الطاقات والإمكانيات الإيمانية.
ثم في الحاجيات المادية للكتلة المؤمنة ، أفرادا وجماعات ، شعوبا وحكومات ، يكون واجب له دوره الدائر حسب الاستطاعة والحاجة ، دون