كأصل ـ على المشركين تصبح قاحلة جاهلة ، فلا تعني سلبية الغفران إلّا بعد حياة التكليف.
فمن مات مشركا لا يرجى له غفرانه أبدا ، ومن مات موحدا فله رجاء الغفران ، ولا يحتّم الرجاء الغفران لأيّ كان ، وإنما «لمن يشاء» أن يغفر له حسب الرحمة والحكمة الربانية ، حسب الفاعليات والقابليات ، و «لمن يشاء» هو الغفران بصالح الاستغفار.
ولا يعني الغفر إلّا ترك العذاب المستحق بما دون الإشراك أم تخفيفه ، فيدخل صاحبه بذلك الجنة ، أو يموت في النار قبل فناء النار ، ان لم يكن له صالح يستحق به الثواب.
فالمشرك رسميا مخلد في النار ما دامت النار ثم يفنى بفناء النار ، ومن دون هذا المشرك في إشراكه لا بد وأن يعذب ـ إن عذب ـ دون ذلك المشرك ، خلودا مع المشرك في النار قدره زمانا ودونه عقوبة ، وهو أدرك دركات النار.
أم موتا في النار قبل فناء النار ، أم خروجا منها إلى الجنة بعد ما ذاق وبال امره ، أم عفوا عن النار الأخرى بما ذاق في النار البرزخية ، أم عفوا عن خلود النار الأولى دخولا في الجنة البرزخية ، أماهيه من أطوار هي دون الأبدية الاولى في جحيم النار.
فالخالدون في النار أبدا هم المشركون الرسميون ومعهم رؤوس الكفر والضلالة ممن دونهم إذ هم موحدون ، فعذابهم ـ إذا ـ دون عذاب المشركين وان لم يغفر لهم ، حيث التسوية بين المشرك والموحد ظلم ، ويجمعهم في أبدية الخلود الحابطة أعمالهم بأسبابه المسرودة في القرآن.