والخالدون في النار دون أبدهم بين من خفف عنه أم كان استحقاقه دون الأبد ، وهم بين من يموت في النار أو يخرج إلى الجنة ، وبنفس القياس كل من دون المشركين من العصاة على دركاتهم.
وعدم الغفر باتا بالنسبة للإشراك الوثني ليس إلا لبعد الجريمة في بعديها ، فإنه انحس دركات الكفر بالله ، وألّا قصور للمشرك أيا كان في إشراكه بالله ، حيث اللّاتسوية بين الله وسواه من الفطريات البينة بين كافة ذوي الشعور مهما كانوا من الحيوانات الوحشية والحشرات والجراثيم.
فلا مجال في حقل الإشراك بالله ـ لمن مات مشركا ـ لغفر أيا كان ، وفي ما دونه مجال لغفر كما يشاء الله (١) وقد قرر مشيئته في غفر المستغفرين يوم الدنيا
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٦٩ ـ أخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أيوب الانصاري قال : جاء رجل الى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : ان لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام ، قال : وما دينه؟ قال : يصلي ويوحد الله ، قال : استوهب منه دينه فإن أبي فابتعه منه فطلب الرجل ذلك منه فأبى عليه فأتى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأخبره فقال : وجدته شحيحا على دينه فنزلت (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).
وفيه أخرج ابن الضريس وأبو يعلى وابن المنذر وابن عدي بسند صحيح عن ابن عمر قال : كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا من نبينا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، وقال : إني ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا ثم نطقنا بعد ورجونا.
وفيه أخرج ابن المنذر عن أبي مجلز قال : لما نزلت هذه الآية (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا ..) قام النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على المنبر فتلاها على الناس فقام إليه فقال : والشرك بالله ، فسكت مرتين أو ثلاثا فنزلت هذه الآية (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ..) فأثبتت هذه في الزمر وأثبتت هذه في النساء.
وفيه عن أبي ذر قال أتيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق قلت وإن ـ