يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) (٤ : ١١٨).
ذلك بل وهكذا كل إشراك بالله في أي من شؤون الربوبية ما صدق (أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) كحق التشريع والتكوين الخاص بالله ، لمكان (أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) الطليقة لكل إشراك ، دون «المشركين» الخاص في ظاهر التعبير بالرسميين منهم الوثنيين.
فسلبية غفر الإشراك بالله تعم كافة الطوائف مهما كانوا موحدين او كتابين ام مسلمين دون إبقاء ، فحتى الرئاء لا تغفر إذا لم يتب صاحبه ، فضلا عن سائر الإشراك الجلي بالله.
فالإشراك بالله ـ أيا كان ـ مانع عن الغفران لأنه انقطاع الصلة بين العبد وربه مهما كان دركات ، وكيف يشرك بالله ما سواه ودلائل التوحيد في الآفاق والأنفس ظاهرة وبراهينه باهرة؟ اللهم إلّا الإشراك الخفي قصورا مهما سببه التقصير ، فقد لا تشمله (فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً).
ثم و (لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) ليس إلا على من مات مشركا (١) في اي من دركاته حيث الدعوة القرآنية كانت مركّزة على المشركين الأصلاء وهم الوثنيون مهما حلقت على كل من أشرك بالله وعلى أهل الكتاب ايضا والملحدين.
ولو أن المشرك هنا لا يغفر له بعد قبول التوحيد فتلك الدعوة المركزة ـ
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٦٩ ـ أخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ما من عبد يموت لا يشرك بالله شيئا إلا حلت له المغفرة ان شاء غفر له وإن شاء عذبه ان الله استثنى فقال : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) وفيه أخرج أبو يعلى عن أنس قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له ومن وعده على عمل عقابا فهو بالخيار.