إذا فلا بد من إحراز كون الأكل بالباطل عرفيا أو شرعيا أو فيهما ، وكما يكفي الباطل شرعيا في الحرمة كذلك الباطل عرفيا مهما سكت عنه الشرع.
ولأن في الأكل باطلا كما فيه حق فلا بد أن يفتش عن باطله فيتجنب وعن حقه فيتقرب ثم إذا شك في البطلان بعد كامل التحري المستطاع فمحكوم بحكم الحق.
بقي المعلوم حقه عرفا وشرعا ، أو المجهول بطلانه عرفا وشرعا ، فهما داخلان في أصل الحل.
ولأن الباطل في الأصل ما لا يحق التصرف فيه لعدم سعي أو حق أو سعي باطل فليس ـ إذا ـ من المواضيع المجهولة حتى يجعل الآية مجملة.
فالعقد والبيع والتجارة والمعاملة أو ما أشبهها لا تختص بالعقود اللفظية ، بل هي من مصاديقها الشاذة ، فلو أن (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) اختصت بالمعاملات بصيغها الخاصة ، لخرجت الأكثرية الساحقة من المعاملات عن ذلك الاستثناء ، ثم لا تدخل في قسيم التجارة وهو أكل المال بالحق دون تجارة ، اللهم إلا أن يثلث مورد الحل ، تجارة وسواها سواء أكان معاملة أم سواها.
وفي الحق ان القول بإن المعاملات المعاطاتية غير محكومة باللزوم وانه خاص بالمتحققة بصيغها ، إنه قالة غريبة عن العرف والشرع ، دونما إشارة له من كتاب أو سنة.
ولا تعني «تجارة» ـ فقط ـ البيع حيث قوبلت به : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) (٢٤ : ٣٧) فالبيع هو أصدق مصاديق التجارة وأهمها ، وقد تعم التجارة كافة التعاملات إجارة وشركة ومضاربة ومزارعة ومساقاة أماهيه من تعامل مالي فإنها لغويا هي التصرف في رأس المال طلبا