وهنا الجواب عن مشكلة أخرى وهي : كيف تخلد هذه الأبدان في سعير النار وقد يكفيها الآن الأول لتبدلها رمادا ، فقد تأتي «كلّما» إجابة عن هذه الشائكة ، مع أن صلابة الأبدان هناك غير صلابتها هنا وكما تناسب خلود الحياة.
ذلك طرف من عذاب الذين كفروا وكذبوا بآيات الله ، وأما الذين آمنوا؟ :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) ٥٧.
أهل الجنة هم خالدون فيها أبدا عطاء غير مجذوذ ، وأهل النار هم خالدون فيها ـ لأكثر الحدود ـ ما دامت النار ودامت عقوباتهم في النار ، فقد يختلف أبد النار عن أبد الجنة لأن أبد الجنة هو قضية فضل الله الذي ليس مجذوذا عن أهله ، وأبد النار هو قضية عدله فليكن محدودا بحدود العصيان أم يقل إذا شملهم غفران (١).
و (أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) تعم قبيلي الرجال والنساء ، فإن كلا زوج للآخر ، وظلهم الظليل ككل هو ظل الله الممدود برحمته الواسعة لأهلها في الجنة.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤١٠ في باب مجلس الرضا مع سليمان المروزي قال الرضا (ع) في أثناء كلام بينه (ع) وبين سليمان : يا سليمان هل يعلم الله جميع ما في الجنة والنار؟ قال سليمان : نعم ، قال (ع) : فيكون ما علم الله عز وجل أنه يكون من ذلك؟ قال : نعم ، قال (ع) فإذا كان حتى لا يبقى منه شيء إلّا كان أيزيدهم أو يطويه عنهم؟ قال سليمان : بل يزيدهم ، قال (ع): فأراه في قولك : قد زادهم ما لم يكن في علمه أنه يكون ، قال : جعلت فداك فالمريد لا غاية له ، قال (ع) : فليس يحيط علمه عندكم بما يكون فيهما إذا لم يعرف غاية ذلك وإذا لم يحط علمه بما يكون فيهما لم يعلم ما يكون فيهما قبل أن يكون لقال الله عن ذلك علوا كبيرا ، قال سليمان : إنما ـ