وإن تراضيا لما بعد زمن فمنذ زمنه ، حيث المعيار هو صدق (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) أنتم المتعاملين ، وان تراضيا على نفس المعاملة ولم يبينا أن متعلق التراضي منذ المعاملة أم منذ الآن فالظاهر أنه منذ المعاملة حيث تراضيا على المعاملة السابقة بكل قيودها ومتعلقاتها ومنها زمان وقوعها.
فما لم يصدق في تجارة أنها أكل بالباطل فهي صحيحة حاضرة أم فضولية ، ولا أكل في الفضولية قبل التراضي ، وليست أصل المعاملة الفضولية دون تصرف أكلا وتصرفا! وقد تشير (تِجارَةً حاضِرَةً) أن هناك تجارة غير حاضرة حيث تعم السلم والنسيئة والفضولية ، فإنما الواجب حصول تجارة عن تراض دون إجبار ولا إكراه ، مهما تقدم التراضي أم تأخر أم هما مقارنان فإن في تأخر التراضي تتأخر التجارة بتأخر التراضي أو تصبح التجارة منهما بنفس التراضي ، ذلك! اللهم إلّا إذا حصلت عن إكراه ثم حصل التراضي ، إذ بطلت ـ إذا ـ التجارة بإكراه أو اضطرار ، والتراضي اللاحق لا متعلّق له من تجارة لبطلانها ، إلا أن يتراضيا على تجارة حاضرة ، فالمعاملة الفضولية قبل التراضي قابلة لكلا الإمضاء والإبطال ، فإذا أبطل فلا يصح بإمضاء ثان.
والتراضي المشروط في صحة التجارة هو واقعه أن لو علما بواقع السعر في العوضين لتراضيا ، دون التراضي حسب ظاهر الأمر ألّا غبن فيها ولا عيب وما أشبه ، إذ لا يرضى عاقل بغبن أو استبدال معيب بصحيح ، فالسلع المعيبة والمعاملات الغبنية هي خارجة عن نطاق (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) داخلة في نطاق أكل المال بالباطل مهما اختلف باطل عن باطل ، اللهم إلّا إذا يعلم الغبن والعيب ويرضى على علمه فهو تجارة عن تراض ما لم يكن خلاف العقل.
وكافة الخيارات في مختلف المعاملات مبنية على أصل التراضي والتفاصيل الى محالها.