اثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي» (١) وهؤلاء القليل هم من أولئك الأكارم مهما اختلفت الدرجات (٢).
وقد يتقبل الله منهم توبتهم بعد حوبتهم إذا رجعوا إلى واقع الإيمان ، تطبيقا لشروطه الثلاثة الماضية دون أن يحمّلوا بأن (اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ).
(وَلَوْ أَنَّهُمْ) وهم الثلّة المنافقة منهم دون القلة المؤمنة بالعظة (لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ) من تطبيق شروطات الإيمان (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) يقابل شرا لهم (وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) على الإيمان المدعى ، والأشد هنا مجارات معهم إذ لم يكن لإيمانهم أي شد حتى يصبح أشد تثبيتا.
(وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (٦٧) وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٦٨).
«وإذا» تحقيقا لما يوعظون به ، سواء من هؤلاء المتخلفين ـ وبأحرى ـ السالكين مسالك الإيمان دون نكول ولا أفول (لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً)
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٨١ ـ أخرج ابن جرير وابن إسحاق السبيعي قال : لما نزلت (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ ..) قال رجل لو أمرنا لفعلنا والحمد لله الذي عافانا فبلغ ذلك النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : إن من أمتي ..
وفيه عن زيد بن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية قال ناس من الأنصار : والله لو كتبه الله علينا لقبلنا الحمد لله الذي عافانا فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : الإيمان أثبت في قلوب رجال من الأنصار من الجبال الرواسي.
(٢) المصدر ـ أخرج ابن أبي حاتم عن شريح بن عبيد ال : لما تلا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هذه الآية أشار بيده الى عبد الله بن رواحة فقال : لو أن الله كتب ذلك لكان هذا من أولئك القليل.