والصديق صيغة مبالغة من الصدق ، صدقا في كل أقوالهم وأحوالهم وأعمالهم وتصديقا للنبيين ، مبالغين الذروة العليا في الصدق والتصديق.
صحيح أن «الصديق» بقول طليق يشمل كل صديق ، نبيا كإبراهيم (١٩ : ٤١) وإدريس (١٩ : ٥٦) ـ (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) أم من يحذوا حذوه في أعلى قمم الإيمان كمريم (عليها السّلام) (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) (٥ : ٧٥) كذلك (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ...) (٥٧ : ١٩).
إلّا أن قرن «الصديقين» هنا بالنبيين والشهداء والصالحين ، يجعلهم بعد النبيين ، وهو يشمل سائر المرسلين وكافة الخلفاء عنهم المعصومين ، أم ومريم الصديقة وبأحرى الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليهما ، فإنهما من ذروة الصديقين.
ثم «الشهداء» علّهم شهداء الأعمال ، الشاملة لغير هؤلاء الصديقين من كاملي الإيمان ، إذ لم تأت الشهادة في لفظ القرآن بمعنى الاستشهاد في سبيل الله.
ذلك ولكن طليق الشهداء يشملهم بمالهم من الزلفى عند الله ، الفائقة على سائر الصالحين : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (٣ : ١٦٩). فهم ـ إذا ـ فوق الصالحين الذين لم يقتلوا في سبيل الله ، فهم ـ إذا ـ من هؤلاء الشهداء.
وقسم ثالث من «الشهداء» هم شهداء الحق بمالهم من مكانة معرفية وعملية في شرعة الله (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٤٣ : ٨٦) وهم الشفعاء الخصوص وكذلك سائر الشهداء لله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ) (٤ : ١٣٥) ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ