وسلّم) فلا يعنيه إلا كرسول يحمله الى العالمين دون أن يمس من كرامته أنه تصيبه سيئة من نفسه ، فإنه من عباد الله المخلصين وهو أول العابدين.
وقد تعني «من نفسك» من سوى الله سواء أكان هو المصاب كالعاصي والمقصّر الذي يصاب بما أصاب ، أم كان غيره الذي كنفسه أنه من خلق الله كما قال الله : (ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (٤٢ : ٣٠) ذودا عن نفسه تعالى وتقدس أن يصيب أحدا بمصيبة دونما سبب منه أو من آخرين ، فالمصابون في سبيل الله إنما يصابون بما كسبت أيدي العصاة الطغاة ، وبما هم بحاجة الى ابتلاءات لتتكامل أنفسهم في البلاء (١) وقد
__________________
(١) في الكافي بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجاج قال ذكر عند أبي عبد الله (عليه السّلام) البلاء وما يخص الله به المؤمن فقال : سئل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أشد الناس بلاء في الدنيا؟ فقال : النبيون ثم الأمثل فالأمثل ويبتلى المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله فمن صح إيمانه وحسن عمله أشتد بلاءه ومن سخف إيمانه وضعف عمله قل بلاءه.
أقول : ومن أسبابه أن الإيمان كلما ازداد زاد المؤمن تطبيقا لشرائطه وقضاياه فيعارضه الأكثرية الساحقة غير المؤمنة فيبتلى إذا ببلاياهم.
وفيه عن الصادق (عليه السّلام): إنما المؤمن بمنزلة كفة الميزان كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه.
وفيه عن الباقر (عليه السّلام) قال : إن الله ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية من الغيبة ويحميه من الدنيا كما يحمي الطبيب المريض.
وفيه عن الصادق (عليه السّلام) قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لا حاجة لله فيمن ليس له في ماله وبدنه نصيب.
وفي العلل عن علي بن الحسين عن أبيه (عليهما السّلام) قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ولو كان المؤمن على جبل لقيض الله عز وجل له من يؤذيه ليأجره على ذلك.
وفي كتاب التمحيص عن الصادق (عليه السّلام) قال : لا تزال الهموم والغموم بالمؤمن حتى لا تدع له ذنبا.
وفي النهج قال (عليه السّلام): لو أجني جبل لتهافت ، وقال : من أحبنا أهل البيت فليستعد للبلاء جلبابا.