ربانيته ، دون أي احتمال لتدخّل العلم غير الرباني في إصداره.
وكما الفارق بين صنع الله وصنع من سواه بيّن كالشمس في رابعة النهار ، كذلك الفرق بين كلامه المتحدّى به وكلام الخلق ، والقرآن متحدّ بكل أبعاده لفظيا ومعنويا كلّ كتابات الأرض من عباقرة الكتاب النوابغ ، ولم يأت حتى الآن ولن ، من يسامي كلامه كلامه ، أو يستطيع انتقاضه أو انتقاصه في أدب اللفظ أو حدب المعنى.
وحقا إنه لا نجد مظهرا من مظاهر التكوين والتدوين في الكائنات كلها ، يظهر فيه ساطع الربوبية الإلهية كمثل المظهر القرآني العظيم ، فلا يساوى ولا يسامى في أية ظاهرة من آيات الله على مدار الكون بأسره ـ لا تكوينيا ولا تشريعيا ـ فلا دليل على ربانيته الوحيدة غير الوهيدة كمثل القرآن ، وقد عرّف نفسه بأنه شهادة قمة تدل على الله لأنه أنزل بعلم الله:
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ. الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٦ : ٢٠) : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٤ : ١٦٦) : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (١٣ : ٤٣) ـ (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٤٨ : ٢٨).
وهكذا نسمع ربنا يجعل القرآن شهادة على ربانيته كأفضل شهيد ، وكأنه هو تعالى يشهد بنفسه المقدسة عند خلقه ، وفي الحق لو أن الله ظهر بذاته لخلقه ما كان أظهر مما أظهر ربانيته بقرآنه المجيد وفرقانه الحميد.
ذلك ، وعلى ضوء الدلالة القرآنية على الربوبية ، هو دليل قاطع على