فهو بطبيعة الحال يحاول في ارتداد المؤمنين عن إيمانهم ، فلا علاج لهم إلّا مهاجرتهم في سبيل الله أو قتلهم في سبيل الله.
وترى غير المهاجر في سبيل الله منهم ، أو والمهاجر غير المقاتل منهم ، هما كما المقاتل يقاتل؟ : لا ـ
(إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) (٩٠).
فهاتان الطائفتان من هؤلاء المنافقين (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) اللهم إلا إذا فتنوا المؤمنين والفتنة أشد وأكبر من القتل ، فالمحايد منهم تاركا لكلتا الحربين حارة وباردة لا يقاتل أو يقتل ، سواء أكان من (الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) الهدنة ، فلم يجيئوكم أنتم للمقاتلة ، «أو جاءوكم» حال أنهم (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) عن القتالين (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ) أنتم المؤمنين (أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) الكافرين ، فلا هم لكم ولا عليكم ، وإن كانوا (لَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ) ولكنهم الآن محايدون ، إذا (فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) وإن كانت مهاجرة ليست في سبيل الله.
هنا يقتسم الحكم الثنائي السالف ، فالأوّل مسلوب وهو (فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) والثاني ثابت وهو (وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) وليست في هذه السلبية سبيل عليهم فإنما هي في إيجابية قتلهم وقتالهم.
(سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ