فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) (٩١).
هؤلاء «آخرين» يتلون بعض الشيء تلو الأوّلين ، فهم «يريدون» محايدة الطرفين «أن يأمنوكم» أنتم المؤمنين (وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ) الكافرين ، ولكنهم غير مستمرين في هذه الإرادة العوان ، إذ (كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ) حربا حارة أو باردة عليكم (أُرْكِسُوا فِيها) انقلابا عما أرادوا إلى ما يريده الأعداء الأصلاء ، إذا (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ) عن فتنتهم حربا أو فتنة أخرى (وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ) عنكم ـ إذا ـ (فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ).
والثقف هو الملاحقة حذقا في إدراك الشيء ، فاعملوا كل حذق في إدراكهم أينما كانوا (وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) سلطة عليهم بإبادتهم التي تبين قوة الحق على الباطل ، ذلك ، فالقرآن لا يأمر بمحاربة غير المحارب أيا كانت عقيدته وعمله ما لم يعمل دعاية على المسلمين أو طعنا في الدين.
فالقرآن لا يدع الكفار يفتنون المؤمنين عن الدين وقضاياه ، ولا يحملهم على الإيمان ، فيتسامح معهم ما تسامحوا المؤمنين دون إكراه على الدين ، فيسمح لهم أن يعيشوا في ظل نظام الإسلام لا له ولا عليه ، والنظام الإسلامي ـ إذا ـ مسئول عن الحفاظ على حياتهم وحيوياتهم كما للمسلمين ما التزموا بشرائط الذمة.
فهنا تسامح صالح وليس تميّعا بإعطاء كامل الحرية لغير المسلمين أن يعتدوا عليهم وهم تحت ظلهم!.
فالمواد الأساسية للتسامح الإسلامي مع غير المسلمين هي أن «يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم عنكم» فلا لكم ولا عليكم ، إذا فهم أحرار