الدليل على جواز قتل المؤمن قصاصا أم حدا آخر.
فالضابطة في كل النفوس هي الحرمة مهما كانت بالنسبة لنفوس المؤمنين أحق وأحرى.
فكما (ما كانَ لِمُؤْمِنٍ) لا تسمح لغير المؤمن قتلا ، كذلك (مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) لا تسمح لغيره قتيلا ، كما أن قتل مؤمن خطأ غير مسموح فيما قصّر حكما أو موضوعا.
أترى بعد «إلّا خطأ» تعم كافة الأخطاء محظورة وغير محظورة؟ كمن يقتل الذي يظنه كافرا دونما حجة على كفره إلّا ظنا ، فإنه لم يقتل ـ إذا ـ مؤمنا متعمدا ، إذ لم يتأكد من إيمانه ، ولم يقتله ـ كذلك ـ لإيمانه! إن شمول الاستثناء لشبيه العمد كهذا قد يجعله حلّا ، ف «خطأ» في غير المحظور مستثنى متصل ، وفي المحظور منفصل ، ثم (أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) يشمل الخطأين في واجب الدية.
أم هو متصل فيهما و «إلّا خطأ» لا تحلل الخطأ المحظور ، وإنما يجعله واردا بحق المؤمن المخطئ في محظور ، ومهما كان الإيمان قيد الفتك ولكن المؤمن ليس معصوما ، أو عادلا إلا نزرا.
إذا ف «إلا خطأ» في المحظور ، هي ك (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) حيث لا يحلّل وصف الإيمان حالة السكر ، وكذلك لا يحلّل الإيمان الخطأ المحظور ، وإنما هو واقع في حقل الإيمان ، وليس قتل المؤمن متعمدا واقعا فيه في بعدية ، ولا سيما إذا كان لإيمانه فخروج عن أصل الإيمان ، و «ما كان» لا يعني إلا الحرمة المغلّظة في قتل المؤمن لإيمانه أو على علم بإيمانه ، وأما «خطأ» فقد تشمل قتل المؤمن دون علم بإيمانه ، ظنا منه أنه كافر فهذا