محظور محرّم ولكنه ليس فيه قصاص ، إنما القصاص فيما إذا قتل مؤمنا عارفا إيمانه.
فكما المؤمن يقتل المؤمن خطأ محضا أو غير محظور مطلقا ، كذلك قد يقتل المؤمن خطأ محظورا كما حصل زمن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ونزلت هذه الآية بشأنه(١).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٩٢ ـ أخرج ابن جرير عن عكرمة قال كان الحرث بن يزيد بن نبيثة من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي جهل ثم خرج مهاجرا الى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلقيه عياش بالحرة فعلاه بالسيف وهو يحسب أنه كافر ثم جاء الى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأخبره فنزلت هذه الآية فقرأها عليه ثم قال له قم فحرّر.
وفيه أخرج بن جرير عن ابن زيد في الآية قال نزلت في رجل قتله أبو الدرداء كان في سرية فعدل أبو الدرداء الى شعب يريد حاجة فوجد رجلا من القوم في غنم له فحمل عليه السيف فقال : لا إله إلا الله فضربه ثم جاء بغنمه الى القوم ثم وجد في نفسه شيئا فأتى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فذكر ذلك له فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ألا شققت عن قلبه فقال ما عسيت أجد هل هو يا رسول الله إلّا دم فقال فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه قال كيف بي يا رسول الله قال فكيف بلا إله إلا الله قال فكيف بي يا رسول الله قال فكيف بلا إله إلا الله حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدء إسلامي قال ونزل القرآن وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ـ حتى بلغ ـ إلا أن يصدقوا ـ قال : إلا أن يضعوها.
وفيه أخرج الروياني وابن منذر وأبو نعيم معا في المعرفة عن بكر بن حارثة الجهني قال كنت في سرية بعثها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فاقتتلنا نحن والمشركون وحملت على رجل من المشركين فتعوذ مني بالإسلام فقتلته فبلغ ذلك النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فغضب وأقصاني فأوحى الله إليه (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ ..) فرضي عني وأدناني ، وفي تفسير الفخر الرازي ١٠ : ٢٢٧ روى عروة بن الزبير أن حذيفة بن اليمان كان مع الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم أحد فأخطأ المسلمون وظنوا أن أباه اليمان واحد من الكفار فأخذوه وضربوه بأسيافهم وحذيفة يقول : انه أبي ، فلم يفهموا قوله إلا بعد أن قتلوه فقال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ، فلما سمع الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذلك ازداد وقع حذيفة عنده فنزلت هذه الآية.