هذا في مقام الثبوت ، وأما الإثبات فقد يقبل قول القائل أنني تأكدت كفره وحلّ دمه ، مهما لم يقبل قوله : أنني ما قصدت قتله وقد ضربه بآلة قتالة.
ففي ظاهرة الخطا في قتل المؤمن الحكم هو الدية المسرودة باحتمالاتها في الآية ، وفي ظاهرة العمد فالقصاص إلّا أن يسامح عنه أهل القتيل ، تبديلا بدية أم دون تبديل.
وقتل الخطأ كما يعنى خطأ الموضوع كذلك الخطأ في الحكم على علم بالموضوع كمن يشك في إيمانه فيقتله على شكه ، ولا قصاص إلّا في العمد المحض أن يقتله على يقين من إيمانه ، لإيمانه أم لمنازعة.
وفي صيغة أخرى قتل مؤمن مؤمنا على أربعة أوجه ، اثنان عمد وآخران خطأ ، فقد يعمد إلى قتل المؤمن لإيمانه فهو كما قال الله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ..) أو يعمد إلى قتله لا لإيمانه ف (فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) أو يقتله خطأ مقصرا أو قاصرا ف (أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) ولكنه في الخطإ المقصر مقصّر وفي الخطإ القاصر قاصر ، و «ما كان» تحرّم هنا غير الخطإ حرمة مغلظة مهما كان بين العمدين بون ، ثم لا حرمة مغلظة في الخطإ المقصر ولا حرمة إطلاقا في الخطإ القاصر ، فلا تعني «إلّا خطأ» حل قتل الخطا ، بل إنه لا ينافي أصل الإيمان كقتل العمد.
ثم وقتل العمد هو محظور على أية حال سواء أكان القاتل مكرها أو مضطرا أمّا هو ، حيث إن الإكراه والاضطرار لا يحلّلان دم المؤمن ، ولا غير المؤمن الذي لا يستحق القتل ، فلا تقية في الدم «إنما جعلت التقية ليحقن بها الدماء فإذا بلغ الدم فلا تقية» (١) ولا يقتل في قتل العمد إلا المباشر مكرها أو
__________________
(١) هي الصحيح المروي في الكافي ٢ : ٢٢٠ رقم ١٦ ونحوه الموثق.