الدية على العاقلة ، فتحرير رقبة ودية مسلمة هما المفروضان على القاتل كضابطة عامة ، ثم استثني موردان اثنان في نفس الآية :
١ (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)
(قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) لا تعني مطلق العداء ، وإنما هو عداء الكفر للإيمان لمكان «لكم» الشاملة لكافة المؤمنين ولا يعاديهم ـ ككل ـ إلّا الكفار.
ثم وليس الكفر فقط هنا موضوع الحكم ، بل هو الكفر المعادي دون ميثاق ، لذلك لا ينافي (وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ).
وترى كيف تسقط الدية المسلمة إن كان القتيل المؤمن (مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ)؟ ذلك لأن (قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) هم الكفار ، فأهل المؤمن القتيل هم إذا من الكفار ، (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) يختص المؤمن منهم بالقتيل دون سواه ، ولا يرث الكافر المؤمن من دية وسواها (١).
فالمؤمن أيا كان في ذلك الزمان لا بد وان له من قومه كفارا قلوا أو كثروا ، إذا فتخصيص «مؤمن» (مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) بعدم الدية يخصصه بما كان أهله كلهم كفارا ، وإلا لتركت الدية كأصل إذ لم يكن في بداية الإسلام أي مؤمن إلا ومن قومه وأهله كفار في الأكثرية المطلقة من المؤمنين الأولين.
(وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٩٤ عن أبي عياض قال : كان الرجل يجني فيسلّم ثم يأتي قومه وهم مشركون فيقيم فيهم فتغزوهم جيوش النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيقتل الرجل فيمن يقتل فأنزلت هذه الآية (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) وليست له دية.
وفيه أخرج ابن المنذر عن جرير بن عبد الله البجلي أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة.