وبما أن (كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ) لا تختص باقتراف كبائر السيئات ، فقد تشمل ترك كبائر الحسنات كما دلت عليه آيات وروايات ، فقد تصبح ترك كبائر السيئات كفارة لصغائرها ، وفعل كبائر الحسنات كفارة عن ترك صغائرها (١).
ولأن الكبائر نسبية وهي دركات (٢) فترك الكبائر ـ إذا ـ درجات ، وتكفير
__________________
ـ عليه وآله وسلّم) يقول : ..
(١) المصدر أخرج جماعة عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري إن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جلس على المنبر ثم قال : والذي نفسي بيده ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويؤدي الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى إنها لتصطفق ثم تلا : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ...
أقول : الكبائر السبع هي أكبر الكبائر التي تعد غيرها بجنبها صغائر ، وقد ذكرت عشرات من الكبائر في بعض الأحاديث كما يروى عن أبي عبد الله (عليه السّلام) (راجع ج ٢٧ الفرقان ص ٤٤١).
(٢) ففي بعض الروايات انها سبع كما في الدر المنثور ٢ : ١٤٦ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اجتنبوا السبع الموبقات قالوا : وما هن يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟ قال : الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ، وفيه عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مثله ولكنه بدل السحر بالإنقلاب الى الأعراب ، وفيه أخرج علي بن جعد في الجعديات عن طيلة قال سألت ابن عمر عن الكبائر فقال سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : هن تسع بزيادة والإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا وعقوق الوالدين.
فهذه ـ إذا ـ عشر ، وفيه عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فسأله رجل ما الكبائر؟ قال : الشرك بالله وقتل نفس مسلمة والفرار يوم الزحف.
أقول : ولأن أكبر الكبائر نسبي كنفس الكبائر فلا تعارض بين عديد الكبائر وكما فيه أيضا عن أبي بكرة قال قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال : ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت ، وفيه أخرج ابن أبي حاتم عن ـ