ذلك وكما التوبة تكفّر كل السيئات كبيرة وصغيرة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ...) (٦٦ : ٨).
وقيلة القائل إن المعاصي كلها كبائر حين ينظر إلى العاصي في نهاية الذل والمعصي لا يتناهى في العز ، هي قيلة عليلة ، حيث النظر هنا إلى المعاصي نسبة إلى بعضها البعض حتى تنقسم إلى كبائر وصغائر ، ثم في النسبة إلى الله قد تصبح الصغيرة كبيرة حين يؤتى بها هتكا لساحة الربوبية ، والكبيرة ـ بجنبها ـ صغيرة حين يؤتى بها بجهالة ومع الأسى وحالة الاختجال.
فلا صغيرة فيما يؤتى بها هتكا لساحة الربوبية كما لا كبيرة فيما يؤتى بها جهالة.
فانما المقابلة بين الكبيرة والصغيرة ، هي حسب مبدء الصغر والكبر ، إن بينهما فبينهما ، وإن بالنسبة للمعصي فبالنسبة له ، وفي المختلفين مبدء ينظر إلى بعد العصيان أيا كان.
ثم الآتي بصغيرة هتكا لساحة الربوبية هو آت بكبيرتين أولاهما نفس الهتك ، والآتي بكبيرة دون هتك آت بكبيرة واحدة ، كما الآتي بكبيرة هتكا لساحة الربوبية آت بثالوث الكبيرة!.
ولأن مكفرات المعاصي عدّة ومنها التوبة والشفاعة ، فهما ـ إذا ـ لأهل الكبائر الشاملة للصغائر المتكررة حيث يصدق عليها الإصرار ف «لا كبيرة مع التوبة ولا صغيرة مع الإصرار».
لذلك نسمع رسول الهدى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : «ألا إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ثم تلا هذه الآية (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٤٥ ـ أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أنس سمعت النبي (صلّى الله ـ