دون «ان تتركوا» فقد تكفر سيئات مجتنب الكبيرة ولا تكفر سيئة لتارك الكبيرة دون تكلف وجهاد.
فالمجتنب للأكثرية المطلقة او الساحقة من الكبائر يقال له مجتنب الكبائر ، والكبيرة المتفلتة داخلة في نطاق اللمم : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) (٥٣ : ٣٢) وإذا كان ترك كل الكبائر ضمانا لتكفير صغيرة واحدة فقليل قليل هؤلاء الذين تشملهم هذه الرحمة ـ الواسعة! وكثير كثير ـ إذا ـ من لا يهمه فعل الكبائر حيث التوبة على أية حال مقبولة مهما كانت لها شروطها.
فالحكمة التربوية في قرار المذنبين بمقر الخوف والرجاء والجهاد في ترك كل كبيرة كبيرة تقتضي أحد الوجهين في المعني من اجتناب كبائر ما تنهون عنه.
وقد تصل رحمة التكفير الى قمتها المرموقة وهي تبديل السيئات حسنات بعد إذهابها : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) (١١ : ١١٥) ـ (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٢٥ : ٧٠).
وكما أن ترك الكبائر كفارة للصغائر ، كذلك فعل كبائر الحسنات كالصلاة في (أَقِمِ الصَّلاةَ ...) والصدقات إبداء وإخفاء : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٢ : ٢٧١) ـ (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ..) (٥ : ١٢).