ويقوي ساعد الكفر مما لا يساعده الإيمان ولا يسامح عنه ، فحكمه حكم الكفر ، وكما تجب محاربة المسلمين الذين تترس بهم الكفار وهم بإمكانهم الهجرة عنهم.
وترى المتخلفين عن الهجرة المكثرين سواد المشركين على الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولمّا يتوفوا ، إنهم لا توبة لهم؟ النص يفرض لهم جهنم المأوى وسوء المصير إذا توفوا بحالتهم البئيسة :
(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) فالذين يتوفون وهم تائبون ليسوا من أصحاب الجحيم ، وهكذا يعالج القرآن نفوسا بشرية طائشة ، هادفا الى استجاشة عناصر خيّرة تتحرى الحق وهم جاهلوه ، مطاردا عوامل التناقل عن الهدى.
ومشهد الاحتضار مما ترتجف له النفس ، احتفازا لتصور ما فيه وما يحويه والملائكة يتوفونها وهي ظالمة.
والتوفي هو الأخذ وافيا ، دون أن يتفلت منهم روح ولا جسم ردا على تقوّل القائل : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ. قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (٣٢ : ١٠) وترى «توفاهم» ماضية تختص بمن توفاهم من ذي قبل؟ ولا يختص ذلك التوفي بزمن دون زمن!.
«توفاهم» هي مخففة عن «تتوفاهم» ولو كانت ماضية لكان الأفصح
__________________
ـ الآية (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ) .. فكتب المسلمون إليهم بذلك فحزنوا وأيسوا من كل خير فنزلت فيهم (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجا فأخرجوا فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل.