«توفتهم» كما (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) (٦ : ٦١) ، (فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ ..) (٤٧ : ٢٧).
ثم (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ...) (١٦ : ٢٨) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) (١٦ : ٣٢) قرينة صالحة هي الأخرى ترجح مضارعة الصيغة ، حيث تعني تداوم المصاغ له ، وهو ذلك التوفي على مدار الزمن.
و (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) تعم كل ظلم حيث الظلم بالغير يعود الى نفس الظالم بتبعته ، فهم هنا أعم ممن ترك المهاجرة فظل ضالا بالاستضعاف ، أم وأضل من سواه ف (لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً) (٧ : ٤٥).
ومن لطائف اللمحات في (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) أنها تخرج التائبين حال التوفي إذا كانوا صادقين ، فليس التائب عن ذنبه أيا كان وأيان من (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) حيث التوبة فرض وخلافها ظلم على ظلم.
ولو قال «ظالمي غيرهم» لم يشمل إلّا الظالم غيره حال توفيه ، ولكنه يعم كل ظالم نفسه حال توفيه وهو غير التائب ، حيث التوبة رحمة واجبة على نفس الظالم أيا كان ، إذا ـ فصالح التعبير هو (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) كما هنا دون «الظالمين» أو «ظالمي غيرهم» حيث القصد عدم حالة التوبة الصالحة حال التوفي.
ففي اللحظة الأخيرة من حياة التكليف ولات حين مناص وقد فات يوم خلاص ، والملائكة يتوفونهم ظالمي أنفسهم باستجواب حاسم قاصم (قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ) وأنتم ظالمون لا تفيقون عن الغفوة ولا تستيقظون عن الغفلة ، (فِيمَ كُنْتُمْ) من مكان ومكانة ومكنة لإصلاح أنفسكم وقد كنتم تعلمون أن أمامكم