الكفر السابق على الإيمان إلى اللّاحق بعد الإيمان حيث الخطاب موجه إلى الذين آمنوا فاللاحق هو الأصل ويلحقه السابق.
(وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٣٢) التمني من المني : التقدير ، والمنّي هو المقدر به خلق الحيوان كما المنيّة هي الأجل المقدر له ، فالتمني ـ إذا ـ هو تطلب المقدّر لغير المتمنين ، غير المقدّر للمتمني ، تقديرا تكوينيا أو تشريعيا.
و (ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) تعم تفضيلي التكويني والتشريعي ، فتلك ـ إذا ـ فضيلة غير مكتسبة ، فإنما هي محتسبة قضية الحكمة الربانية.
ولأن تمني ما فضل الله به بعضكم على بعض دونما سعى للحصول عليه قدر المستطاع والمكنة ، ودون سؤال عن الله أن يؤتيه كما آتاه غيره ، لأن ذلك التمني يخلف التحسّد البغيض على من فضل عليه ، فالعمل الجاد الكاد لإزالة فضله ، حيث يصاحب الاعتراض على الله ، لماذا فضل ـ من فضل ـ عليه وحرمه (١) لذلك يؤكد النهي عن التمني هنا ، والسعي حسب المستطاع في آية
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤٧٤ في المجمع عن أبي عبد الله (عليه السّلام) أي لا يقل أحدكم ليت ما أعطي فلان من المال والنعمة أو المرأة الحسناء كان لي فإن ذلك يكون حسدا ولكن يجوز أن يقول : اللهم أعطني مثله ، وعن كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين (عليه السّلام) أصحابه في كل امرء واحدة من الثلاث : الكبر والطيرة والتمني فإذا تطير أحدكم ليمض على طيرته وليذكر الله عز وجل وإذا خشي الكبر فليأكل مع عبده وخادمه وليحلب الشاة وإذا تمنى فليسأل الله عز وجل وليبتهل إليه ولا تنازعه نفسه الى الإثم ، وعنه عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال قال رسول الله ـ