السعي (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) والسؤال من فضل الله ، فان حصل بهما على ما فضل به عليه ، وإلا تعبّر على مرضات الله ، مسلما لله مستسلما لأمر الله حيث الحكمة البالغة ـ دون ضنة ـ هي المقتضية لتفضيل بعض على بعض ومنه التفضيل في الرزق : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) (١٦ : ٧١) ومنه الرحمة الروحية : (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٢ : ١٠٥) ـ (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) (٣ : ٧٣) ـ (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) (١١ : ٣).
وبصورة شاملة وحكمة كاملة هو القاسم رحمته دونهم : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ
__________________
ـ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من تمنى شيئا وهو لله تعالى رضى لم يخرج من الدنيا حتى يعطاه ، وفيه عن أصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : من لم يسأل الله عز وجل من فضله افتقر، وعنه عن أبي عبد الله (عليه السلام) أدع ولا تقل ان الأمر قد فرغ منه ان عند الله عز وجل منزلة لا تنال إلا بمسألة ولو أن عبدا سد فاه ولم يسأل لم يعط شيئا فسل تعط ، إنه ليس من باب يقرع إلا يوشك أن يفتح لصاحبه ، وفيه عن تفسير العياشي عن إسماعيل بن كثير رفع الحديث الى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : لما نزلت هذه الآية (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) قال أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : ما هذا الفضل أيكم يسأل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن ذلك؟ فقال علي بن أبي طالب (عليه السّلام) أنا اسأله فسأله عن ذلك الفضل ما هو؟ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إن الله خلق خلقه وقسم لهم أرزاقهم من حلها وعرض لهم بالحرام فمن انتهك حراما نقص له من الحلال بقدر ما انتهك من الحرام وحوسب به.
وفي الكافي وتفسير القمي عن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن أبي جعفر (عليهما السّلام) قال : ليس من نفس إلا وقد فرض الله لها رزقها حلالا يأتيها في عافية وعرض لها بالحرام من وجه آخر فإن هي تناولت شيئا من الحرام قاصها به من الحلال الذي فرض لها وعند الله سواهما فضل كثير وهو قول الله عز وجل : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) ورواه العياشي عن إسماعيل بن كثير رفعه الى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وروي ما في معاه عن أبي الهذيل عن الصادق (عليه السّلام) والقمي في تفسيره عن الحسين بن مسلم عن الباقر (عليه السّلام).