فهنالك إراءة ربانية لهذا الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إضافة الى القرآنية العامة ، إراءة خاصة في تأويل الأحكام الشرعية ، هي له خاصة أو من علّمه من خلفاءه المعصومين ، وخاصة أخرى هي بسنته الثابتة غير المفرقة ، وثالثة هي بما أراه الله كافة المصالح الملزمة الحيوية الإسلامية ، فهو ـ إذا ـ حاكم رباني بين الناس بما أراه الله ، لا رأى له من سواه.
والمحور الأصيل مما يحكم به الرسول بين الناس هو الكتاب ف (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) كأصل في هذا الكتاب ، وكفرع على ضوء سائر الوحي.
__________________
ـ ويريدون أن يضلوا الرسول بما ضلوا وهم يشاقون الرسول بعد ما تبين لهم الهدى.
ففي نور الثقلين ١ : ٥٤٧ عن تفسير القمي في الآية كان سبب نزولها أن قوما من الأنصار من بني أبيرق اخوة ثلاث كانوا منافقين بشير ومبشر وبشر فنقبوا على عم قتادة بن النعمان وكان قتادة بدريا وأخرجوا طعاما كان أعده لعياله وسيفا ودرعا فشكى قتادة ذلك إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : يا رسول الله ان قوما نقبوا على عمي وأخذوا طعاما كان أعده لعياله ودرعا وسيفا وهم أهل بيت سوء وكان معهم في الرأي رجل مؤمن يقال له لبيد بن سهل فقال بنو أبيرق لقتادة : هذا عمل لبيد بن سهل فبلغ ذلك لبيدا فأخذ سيفه وخرج عليهم فقال : يا بني أبيرق أترمونني بالسرق وأنتم اولى به مني وأنتم المنافقون تهجون رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وتنسبونه إلى قريش لتبينن ذلك أو لأملأن سيفي منكم فداروه وقالوا له : ارجع يرحمك الله فإنك بريء من ذلك فمشى بنو أبيرق إلى رجل من رهطهم يقال له أسيد بن عروة وكان منطيقا بليغا فمشى إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : يا رسول الله ان قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منا أهل شرف ونسب فرماهم بالسرق واتهمهم بما ليس فيهم فاغتم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لذلك وجاء إليه قتادة فأقبل عليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقال له : عمدت إلى أهل بيت شرف وحسب ونسب فرميتهم بالسرقة وعاتبه عتابا شديدا فاغتم قتادة ورجع إلى عمه وقال : يا ليتني مت ولم أكلم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقد كلمني بما كرهته فقال عمه : الله المستعان ، فأنزل الله في ذلك على نبيه هذه الآيات إلى (بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً).