وهنا (أَمَرَ بِصَدَقَةٍ) مصداق بارز من الأمر ، وقد تصدق الصدقة على كافة الراجحات واجبة وسواها وفي كافة الحقول ، ثم «أو معروف» تعميم للأمر ويلحقه النهي عن المنكر فإنه أمر معروف والأمر به أيضا أمر بمعروف ، ثم (أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) ولو بالكذب إذا كان الإصلاح بين الناس أصلح من الصدق (١) حيث الكذب محرم لإفساده وأفسد منه فساد الناس.
__________________
ـ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مع معاذ بن جبل. «وإن شئت أنبأتك بأملك الناس من ذلك كله قلت ما هو يا رسول الله فأشار بإصبعه إلى فيه فقلت وانا لنؤاخذ بكل ما نتكلم به فقال ثكلتك أمك يا معاد وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم وهل تتكلم إلا ما عليك أو لك» وفيه أخرج أحمد عن أنس أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه.
(١) نور الثقلين ١ : ٥٥٠ في أصول الكافي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : الكلام ثلاثة صدق وكذب وإصلاح بين الناس ، قال قلت له جعلت فداك ما الإصلاح بين الناس؟ قال : تسمع من الرجل كلاما يبلغه فتخبث نفسه فتلقاه فتقول سمعت من فلان قال فيك من الخير كذا وكذا خلاف ما سمعت منه.
وفي الدر المنثور ٢ : ٢٢٢ عن عائشة قالت قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا يصلح الكذب إلا في ثلاث الرجل يرضي امرأته وفي الحرب وفي صلح بين الناس ، وفيه عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أفضل الصدقة صلاح ذات البين ، وفيه أخرج البيهقي عن أبي أيوب قال قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يا أبا أيوب ألا أخبرك بما يعظم الله به الأجر ويمحو به الذنوب تمشي في إصلاح الناس إذا تباغضوا أو تفاسدوا فإنها صدقة يحب الله موضعها ، وعن أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول ليس الكذاب بالذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا.
وفيه عن أبي الدرداء قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ألا أخبركم بأفضل من درجات الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى قال إصلاح ذات البين ، قال وفساد ذات البين هي الحالقة ، وفيه عن أبي أيوب أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال له يا أبا أيوب ألا أدلك على صدقة يرضى الله ورسوله موضعها قال بلى قال تصلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا».