فإذا كان الكذب أفسد من فساد ذات البين فلا يصلح الكذب في طليق الإصلاح ، إنما هو فيما كان إصلاحه أكثر من إفساده أم لا إفساد له إلّا الإصلاح ، وإذا فلا كذب في الإصلاح كما يروى عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وهنا الأمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس هي كأصدق مصاديق لصالح النجوى ، فقد تعني النجوى شورى بين أهليها لصالح فردي أو جماعي فحصيلتها أمر معروف أو أمر بمعروف أو صدقة أو إصلاح بين الناس أمّاذا من صالح يجبر كسر النجوى ، ثم ومما يجبرها إنباء الخارجين عن النجوى أنها ليست عليهم ، فإما لهم أو لا لهم ولا عليهم ، فإما لصالح يجب أو يرجح إخفاءه.
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) المثلث في النجوى ، أو النجوى الطليقة (ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) حين توضع في مواضعها الصالحة مع صالح النية (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً).
فقد تكون النجوى شرا في شر ، كأن تحزن الذين آمنوا وهي ضارّ بهم في مادتها ، وهي أنحس دركاتها ، وأخرى هي خير في خير ، كأن تكون في صالح بنية صالحة بإنباء الخارجين عنها أنها ليست عليهم ، وهي أفضل درجاتها ، وبينهما متوسطات ، كأن تكون في صالح دون نية صالحة ولا إنباء ، أو صالح بنية صالحة دون إنباء ، أم بإنباء دون نية صالحة أمّاهيه من عوان بين الضفّتين ولكلّ خيره أو شره حسب مدّه وعدّه.
ومن أشر النجوى التناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومشاقته : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ. إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ..) (٥٨ : ١٠).