أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) (١٩ : ٨٣) (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (٤٣ : ٣٧).
فليس للشيطان استقلال في الإضلال ، اللهم إلا في ضلال من يضله بإذن الله وهو استغلال ، وكما لا حادث سواه إلا بما يأذن الله ، فلا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين.
٢ «ولأمنينهم» والتمنية هي إلقاء الأماني الكاذبة الشهية في قلوب الغاوين ، وهي تورث الحرص والأمل وهما رأس زوايا الخطايا على الإطلاق.
وقد يروى عن رسول الهدى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قوله : «يشيب ابن آدم ويشب فيه خصلتان إتباع الهوى وطول الأمل ، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة» ـ و «يهرم ابن آدم ويشب معه اثنان الحرص والأمل».
هنالك يقطع الرجاء عمن ابتلي بالأمنيات الكاذبة الطائلة فلذلك (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (١٥ : ٣) (١).
هنا الإضلال والتمنية من فعل الشيطان في ظرف الضلال فالإذن من الله ، ثم الأمر قولا وفعلا :
٣ (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ) والبتك هو القطع ، وليس قطع آذان الأنعام بمجرده من أمر الشيطان وفعله إذ قد تقطع علامة لها كيلا تضل ، إنما هو القطع علامة على التحريم ، أو نسكا في عبادة الأوثان.
__________________
(١) راجع تفسير الآية في الفرقان تجد فيه تفصيلا حول طول الأمل.