ولقد كانوا يقطعون آذان البحيرة وهي الوالدة خمسة خامسها ذكر ، فيحرمونها على أنفسهم شرعة من عند أنفسهم يفترونها على الله ، وكذلك ف : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٥ : ١٠٣).
٤ (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) وترى ما هو المعني من خلق الله هنا وما هو تغييره؟.
لا ريب أن تغيير خلق الله بصورة طليقة ليس من أمر الشيطان وفعله ، بل وبعضه مأمور به محبور كالختان وقطع سرة الوليد عن أمه وإزالة الشعر عن العانة وتحت الإبطين ، وقصر الشعر من الرأس واللحية تجميلا أما هيه.
إذا فالقصد من خلق الله هو خلق خاص ومن تغييره ايضا تغيير خاص لا يعرفان إلّا بنص من الكتاب أو السنة.
فمن الكتاب (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٣٠ : ٣٠) كما وفي الباقري (عليه السّلام) «دين الله» (١) حيث يعم دين الفطرة والشرعة.
و (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) نفيا للجنس يعم واقع التبديل تحويلا للفطرة ذاتيا إلى غير ما خلقت فهو إنباء عن عدم إمكانيته ، ثم محاولة التغيير تخلّفا عن أحكام الفطرة وقضاياها فهو إنشاء لمحظوره ، والمعنيان معنيّان من استغراق السلب.
__________________
(١) تفسير البرهان ١ : ٤١٦ ـ العياشي عن محمد بن يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في قوله الله تعالى (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) قال : أمر الله بما أمر به ، وفيه عن جابر عن أبي جعفر (عليهما السّلام) في الآية قال : دين الله.