ومن إصلاحها ـ كاصلاحه ـ أن تعظه وتهجره في المضاجع أو أن تضربه أخيرا إن استطاعت أمرا بمعروف ونهيا عن منكر ، ولكنها لموضع ضعفها وعدم إمكانيتها لمثلث الإصلاح لم تؤمر به صراحا ، بل أجمل عن إصلاحها إياه فأدمج في إصلاحه : (أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً) أمرا لهما أن يتعاونا في ذلك الإصلاح ، دون إفساد ولا تفارق (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) مما سواه.
وهنا «إعراضا» بعد «نشوزا» يعني واقع الانقطاع عن تكاليف الزوجية أن تذروها كالمعلقة ، ف «نشوزا» هو الرفع عن تطبيقها كاملة أن يأتي ببعض ويترك بعضا ، ف «إعراضا» هو تمام النشوز و «نشوزا» هو بعضه بجامع التخلّف والترفّع عن واجبات الزوجية عشرة ونفقة أماهيه.
ومن الإصلاح بينهما أن يتراضيا على التخفيف عن حقها مغبّة بقاءها بحالها دون طلاق ، فقد كان يخيّل إلى الزوجين أن المصالحة على حق من حقوق الزوجية محرمة لأنها ثابتة عليهما كما هي ثابتة لهما ، فلا جناح ـ منعة عن الفراق ـ أن يتصالحا عن بعض حقوقها (١).
وعلى أية حال فلا بد من إصلاح النشوز المخيف من الزوجين أو أحدهما ، بمحاولة كريمة تقضي عليه أو تخففه.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥٥٨ صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال سألته عن قول الله تبارك وتعالى: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ ..) فقال : هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها : إني أريد أن أطلقك فتقول له : لا تفعل إني أكره أن تشمت بي ولكن أنظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت وما كان سوى ذلك من شيء فهو لك ودعني على حالتي وهو قوله تبارك وتعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً) وهو هذا الصلح.
وفيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال سألته عن قول الله جل أسمه (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ ..) قال : هذا يكون عنده المرأة لا تعجبه فيريد طلاقها فتقول له أمسكني ولا تطلقني وأدع لك ما على ظهرك وأعطيك من مالي وأحللك من يومي وليلتي فقد طاب ذلك كله.