ظاهره إلى باطنه ، فتحرم الأخرى عن كل حقوق الزوجية (فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ).
ذلك ولقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يعدل بين نساءه فيما يملك فكان يقول : «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» (١).
ذلك فيما أمكنت العدالة المستطاعة ، فأما إذا يخافان أن ألّا يقيما حدود الله أو يخاف هو أو تخاف هي فهنا يأتي دور الفراق رغم أنه أبغض ، للفراق عن ترك حدود الله لولا الطلاق ، فالإسلام ليس ليمسك علقة الزوجية بالسلاسل والأغلال مهما بلغت بها الحال تحليلا للحرام وتحريما للحلال ، فإنما يمسكها بالمودة والوئام ، أو يفرقها بالرحمة والحنان ، ولا عليهما أن يخافا فقرا أو ثغرا في الحياة بعد الفراق :
(وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً) (١٣٠).
(يُغْنِ اللهُ كُلًّا) من حيث المال والحال أم والعيال (مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ) منذ خلق الخلق «واسعا» في القدرة والرحمة «عليما» بمواضع الحاجة.
إن الزواج الصالح يغني كلا من الزوجين ، فقد يخيّل إليهما أن الفراق يفرّق عنهما غناه الى عناه ، فهنا الله يعد المتفرقين بحكمه أنه يغنيهما بسعته ، بديلا عما يخشيان فراقه عنهما.
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٢٣٣ ـ أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن المنذر عن عائشة قالت كان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ...
وفي نور الثقلين ١ : ٥٥٩ عن الصادق عن آبائه (عليهم السّلام) أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يقسم بين نساءه في مرضه فيطاف بينهن وروى أن عليا (عليه السّلام) كان له امرأتان فكان إذا كان يوم واحدة لا يتوضأ في بيت الأخرى.