(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (٥ : ٨).
معاكسة التعبير بين الآيتين في (قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ) و (قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) تفرض على الذين آمنوا القوامية لله في الشهادة بالقسط والقوامية بالقسط في الشهادة لله ، فهما معا قضية الإيمان بالله (وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) تقديما لحق الله على باطلكم أو ما ترونه حقا لكم وهو باطل في ميزان الله.
والخبران المتعارضان في جواز الشهادة على الوالدين وعدم جوازه (١) معروضان على نص الوجوب في الآية (وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) ولا يقبل ذلك النص تقيدا بالميت منهما حيث الشهادة لله والقوامية بالقسط لا تتقيد بحال دون حال ، والأكثرية المطلقة من الشهادات هي على الأحياء ، و (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً) تختص بالمشهود عليهم الأحياء ترحّما على فقير وانتفاعا من غني ، وإتباع الهوى المحظور في حقل الشهادة كما في سائر الحقول لا يقبل
__________________
(١) من الأخبار الموافقة للآية الكريمة خبر علي بن سويد عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال كتب أبي في رسالته الي وسألته عن الشهادة لهم : فأقم الشهادة لله ولو على نفسك أو الوالدين والأقربين فيما بينك وبينهم فإن خفت على أخيك ضيما فلا «الوسائل باب الشهادات ب ١٩ ح ٣).
وفي نور الثقلين ١ : ٥٦١ عن تفسير القمي قال أبو عبد الله (عليه السّلام): ان للمؤمن على المؤمن سبع حقوق فأوجبها أن يقول الرجل حقا وإن كان على نفسه أو على والديه فلا يميل لهم عن الحق وخبر داود بن الحصين أنه سمع الصادق (عليه السّلام) يقول : «أقيموا الشهادة على الوالدين والولد ..» (الوسائل).
ذلك وأما الرواية الأخرى فلم نجدها بخصوصها اللهم إلا نقلا كما في النهاية في خبر لا تقبل شهادة الولد على والده ، ومثله في الفقيه ، وفي الخلاف نسب ذلك الى أخبار الفرقة.
أقول : ولو كانت هنالك أخبار متواترة بالمنع لطردت لمخالفة القرآن.